كيفية أخذ الخطوات الأولى في عالم كتابة الشعر

تنزيل المقال

تنزيل المقال

كتابة الشعر واحدة من أهم الفنون اللغوية وفرصة للتعبير عن مشاعرك الدفينة بأسلوب ذكي وموسيقي. حرر ما في عقلك من ذكريات وأطلق لمشاعر الحنين في قلبك العنان، واشرح كل ما يدور في خلدك من معانٍ دون أن تصرح حقًا بما ترغب أن تقوله. كتابة الشعر لأول مرة بمثابة تحدٍ صعب، لكنها مهارة تكتسبها كلما قرأت المزيد من الشعر وحرر عواطفك وتمرنت أكثر وأكثر على الكتابة. نتعلم في هذا المقال كيف يمكنك أن تبدأ قصيدتك الأولى وتستمتع بكتابتها حتى النهاية. جهز لنفسك دفتر أشعار واحتفظ به معك أينما كنت. ابحث عن الإلهام في كل صغيرة وكبيرة من حولك. أثرِّ لغتك من خلال التلاعب بالجناس والكلمات المتشابهة وتجربة الصور البيانية والاستعارات. ستجد نفسك في النهاية قادرًا على كتابة أبيات شعر جميلة وعاطفية يهتم من حولك بالإنصات لها.

الخطوات

طريقة 1

طريقة 1 من 3:

إلهام الشعر وأوقاته

تنزيل المقال

1. 
   1
   اقرأ القصائد المشهورة وتعلم على أساتذة الشعر العظماء. ضع في اعتبارك نوع الشعر الذي تنوي كتابته، وابحث عن شعراء مميزين تمرسوا وأبدعوا لتتعلم منهم؛ قد لا تكون قراءة قدماء الشعراء العرب مناسبة لك في مرحلة المبتدئ، لكن لا مانع من أن تلقى نظرة على شعر امرؤ القيس وزهير بن أبي سلمى وعمرو ابن أبي ربيعة. اقرأ كذلك الشعر العربي الفصيح من شعراء معاصرين، والأسماء كثيرة، نذكر منهم: محمود درويش ونزار قباني. اطلع كذلك على الشعر المترجم لشعراء متمرسين بالإنجليزية، مثل: إيميلي ديكنسون وإيدجار آلان بو وروبرت فروست ووالت ويتمان.

   • هل تخطط لكتابة الشعر العامي المصري (أو العامي بلغة بلدك)؟ فكر في الاطلاع على قصائد فؤاد حداد وصلاح جاهين وأحمد فؤاد نجم وسيد حجاب.
   • يمكنك تكوين فهمًا أعمق للشعر وفن التلاعب باللغة من خلال مقارنة أساليب الشعراء المختلفة بحثًا عن الفروق والتشابهات.
2. 
   2
   كوّن علاقة درامية مثيرة مع مشاعرك. قد تكون صداقة، أو ربما تكون عداءً شديدًا. أغلب الوقت، يفترض أن تنظر لمشاعرك وكأنها شخص قائم بذاته، وتذهب في رحلة للتواصل معه، ثم تعود لتحكي للعالم عما كان في هذا النقاش من جدال أو تصالح. الجملة الشعرية/ الشاعرية هي جملة مشبعة بالمشاعر، محقونة بالتكثيف العاطفي، وهو ما لك أن تحققه بكلامك إن راعيت الإصغاء لمشاعرك القوية ومحاولة الإجابة على سؤال: كيف حالي الآن؟ بماذا أشعر؟

   • فهم مشاعرك مهمة صعبة، لكن الشعر كله يكمن في محاولة الفهم تلك، وفي المرة التي تعجز فيها عن الفهم، يمكنك أن تكتب قصيدة عظيمة عن عدم فهم المشاعر. في نفس الوقت، كن في جلسة تأملية لا تنتهي مع العالم ومع نفسك بحثًا عن تحليل مشاعرك ومراقبة الأحداث التي تتقاطع مع مشاعرك وتأثر عليها.
   • المشاعر أداة عظيمة للشعر لأنها لغة عالمية يفهمها كل البشر من كل بقاع العالم، ومن ثم يمكنك قراءة الشعر بالهندية والصينية ومن عصور قديمة للغاية.
3. 
   3
   خصص من وقتك يوميًا مدة زمنية ثابتة لكتابة الشعر. الطريقة الوحيدة لتتحسن كتابتك للشعر هي أن تستمر في كتابته؛ لمدة 10 دقائق يوميًا، أو أكثر من ذلك إن تسنى لك الوقت، انظر من حولك بحثًا عن الإلهام، عما يحرك مشاعرك، عن مشهد شاعري في الطبيعة أو موقف درامي بين الناس، واجلس لكتابة بيت شعر، أو قصيدة طويلة، عنه.

   • هل تخشى أن تنسى هذا التدريب؟ اضبط منبهًا على هاتفك المحمول لتذكير نفسك.
4. 
   4
   احتفظ دائمًا بدفتر يوميات كتابة الشعر لاستخدامه عندما يحل عليك الإلهام. يأتي الإلهام وأنت في طابور المطعم أو المواصلات العامة أو تتمشى في الشارع، لذا يجب أن يتوفر معك شيئًا يمكنك استخدامه في تدوين الأفكار أو الجمل الشعرية بمجرد ما أن تخطر في بالك. اشترَّ لنفسك دفترًا صغيرًا وأطلق عليه دفتر الشعر (أو أي اسم مميز آخر متوافق مع شخصيتك وعلاقتك مع الشعر) واستخدمه في تدوين الأبيات والتشبيهات العابرة والجمل الشعرية وربما حتى قصائدك المكتملة القصيرة.

   فكرة مفيدة: اكتب في دفتر صغير الحجم نسبيًا بما يمكنك من حمله معك في حقيبتك أو جيب ملابسك بسهولة ومن ثم القدرة على التنقل به أينما ذهبت.
5. 
   5
   فكر في الكتابة عمدًا عن موضوع متعارف عليه. هل تبحث عن الإلهام؟ قد يكون الشعر طبيعيًا أكثر عندما تنتظر موقفًا مشحونًا عاطفيًا يجبرك على الجلوس والكتابة، لكن ذلك لا يمنع احتمالية أن يتم الأمر بمجرد التفكير المنظم؛ إن لم تنشأ الفكرة في نفسك من اللامكان، ابحث عنها، اسعَّ بكل جدية لصيدها، ابذل المجهود لاستخراج ما هو شاعري من كل ما يبدو أنه غير شاعري. توجد قوائم لأفكار كتابة الشعر متاحة عبر الإنترنت وكتب متخصصة لتنشيط الإبداع وتمارين للشعراء. لا تخشَّ من تحفيز حسك الشاعري عبر تلك التمارين، خاصة في أوائل محاولاتك الشعرية.

   • كمثال، اكتب قصيدة حول واحدة من الأفكار التالية: "حفل عيد ميلادك السابق" أو "عبر عن مشاعرك بواسطة الألوان فقط" أو "اكتب أغنية صالحة للأطفال لكنها تحمل معانٍ مناسبة لحياة الناضجين في نفس الوقت".
   • يمكنك إيجاد المزيد من أفكار الشعر عبر منتديات الشعراء أو المواقع المتخصصة في الشعر أو بمحاكاة ما يكتبه غيرك من الشعراء، سواء المشهورين، أو في دائرة معارفك.

طريقة 2

طريقة 2 من 3:

أول القصيدة إبداع

تنزيل المقال

1. 
   1
   تعرف على نوع القصيدة التي تكتبها. القصيدة هي قطعة من قلبك وروحك، لذا لا يوجد ما يفرض أن يتم صبها في قالب أدبي متعارف عليه أو أن تنتمي لتصنيف معين بشكل عقلاني ومنهجي. القصيدة ملك لشاعرها، بل هي ملك لنفسها في الأساس. ربما أن القصائد الغنائية والمقفاة هي الخيار الأنسب للشاعر المبتدئ، لكنه في النهاية مجرد اقتراح لا غير. بما أنك بصدد الممارسة والتعليم، يمكنك فقط أن تتأمل ما تكتبه وتحاول نسبه إلى نوع شعري معين من الأنواع السائدة لتفهم ماذا تكتب وكيف تكتب وكيف يمكنك تطويره.

   • ليست مبالغة إن قلنا أن الشعر أكبر من اللغة؛ التزم بتعلم قواعد ومفردات اللغة العربية، أو اللغة التي تكتب بها الشعر عامة، لأنها الأداة التي تساعدك على بناء القصيدة، لكن المهم في النهاية هو أن تؤدي القصيدة غرضها ويصل للمستمع الأفكار والعواطف التي تحملها الأبيات، ووقتها ستأتي القواعد النحوية والإملائية في المرتبة الثانية من الأهمية بعد الجماليات اللغوية والعاطفة وحلاوة وتدفق الكلمات.
   • أشكال الشعر العربي الشائعة هي: الشعر العامودي، الرباعيات، الشعر الحر، القصيدة النثرية، الشعر الحلمنتيشي (الساخر). جرب كذلك أشكال العشر العالمية، مثل: السوناتا، الهايكو.
2. 
   2
   حدد موضوعًا للقصيدة (أو موضوعات متداخلة). موضوع القصيدة هو فكرتها العامة وكذلك رأيك/ موقفك من تلك الفكرة. يمكنك أن تكتب قصيدة عن زهرة دوار الشمس، ولكن ستكون القصيدة أقوى إن كان لهذا الموضوع رمز درامي معين وتصوير بياني ترمي به إلى معنى آخر يفهمه القارئ الذكي وفقًا للسياق. ستكون القصيدة أقوى وأقوى إن كان لديك مشاعر مكثفة تجاه زهرة دوار الشمس ورأي ما حيال شكلها ونمط حياتها، ومن خلال هذا الرأي أنت تنقل للقارئ صورة كلية عن الحياة والمشاعر والعلاقات.

   اطرح على نفسك الأسئلة التالية: هل تحب زهرة دوار الشمس؟ هل تكرهها؟ ما رأيك في تسميتها بعباد الشمس؟ هل يفتح ذلك في عقلك تساؤلات عن العبادة؟ عن التعلق الإلزامي من الزهرة تجاه الشمس؟ هل تحرك بداخلك مشاعر معينة؟ هل ترتبط في ذهنك بذكرى معين؟ شخص ما؟
3. 
   3
   استخدم اللغة الوصفية للتعبير عن المشاعر. تكتسب القصيدة العمق العاطفي والفكري من خلال الوصف الدقيق لما تتناوله القصيدة من عناصر وأشياء ومشاعر. تُكتب بعض القصائد، ربما الطويلة للغاية، كوثيقة وصف شعري لشيء واحد، ربما بسيط للغاية. يرى الشاعر ما لا يراه غيره، ولا يعني ذلك بالضرورة أنه يرى الفضائيين وما ليس له وجود في عالم الحقيقة، بل إنه يرى حقيقة الأشياء التي يراها الجميع ويرى فيها تفاصيلها الدقيقة التي لا يدركها من يمر مرور الكرام على العالم المحيط به. لتتعود على عملية الوصف الدقيق، اطرح على نفسك الأسئلة حيال كل ما يمر على عينك. هل ستكتب عن البحر مثلًا؟ فيما يلي مجموعة من الأسئلة التي توسع ذهنك وتساعدك على وصف البحر بكيفية أفضل مما كنت تفعل عادة.

   • كيف ترى البحر؟ كيف يمكن أن تراه بوضوح أعمق؟ استخدم اللغة الوصفية للحديث عن الألوان والمشاعر والعمق ودرجة الحرارة وغيرها من التفاصيل الكامنة في عالم البحر، ما فوق المياه، وما أسفلها في عالم سحري غريب وخفي عن الأنظار. تأمل التغيرات التي تحدث على البحر لفترة زمنية طويلة؛ قد يكون هادئًا في لحظة وهائجًا بدوامات المد والجزر في وقت آخر. هل تبدو المياه وكأنها زجاج مكسور؟ ملاءة تنام أسفل منها الأسماك؟ اوصف بلغة تقريرية حين، ولغة جمالية وتصويرية في حين آخر. قل عن البحر كل ما يخطر على بالك.
   • ما الذي يميز البحر؟ أي شيء من سماته يلفت انتباهك ويحرك مشاعرك؟ تدافع الأمواج أم عالم الأسماك الغني أسفل المياه؟ ارتفاع الأمواج الذي يحمل السفن أو يأخذ روح الأطفال الصغار الذين لم يتعلموا السباحة بعد؟ هل تحب الأسماك الصغيرة أم الدلافين والقروش الضخمة؟ هل تسمع بكائيات نوارس المحيط الهادئة الحزينة؟ كل هذا وأكثر قد يكون العدسة الشاعرية التي تلتقط بها صورًا مثيرة للانتباه للبحر تجعل قصيدتك ممتعة وشيقة.

طريقة 3

طريقة 3 من 3:

تشييد بيت القصيد

تنزيل المقال

1. 
   1
   استخدم القوافي والكلمات المتناغمة إن كنت ترغب في كتابة قصيدة غنائية. القصيدة المقفاة هي قصيدة تنتهي كل أبياتها بنفس القافية، وهو ما يخلق نغم موسيقي وتدفق في كل من اللفظ والمعنى إن أتقنت ضبطه. النصيحة الأساسية هي أن تحاول قدر الإمكان الوصول لكلمات بنفس القافية بشكل طبيعي وأن تجد الكلمة بعدما تكتب البيت وليس قبلها. بالطبع أفضل مثال للقصيدة المقفاة هي القصائد العمودية وقصائد الشعر العربي القديم.

   • اختر كلمات مقفاة تختم بها أبياتك من حصيلتك اللغوية بأسلوب طبيعي وبعد كتابة البيت نفسه بدلًا من الاعتماد على القواميس أو البحث عبر الإنترنت، لتتجنب لي ذراع البيت فقط من أجل أن يتوافق مع الكلمة المختارة.
   • لا يقتصر ضبط النغم في القصيدة المقفاة على آخر كلمة في البيت فقط، بل يجب أن تعتمد في البيت على كلمات متناغمة وأن يكون نطق أول حرف في البيت الجديد سهل النطق عند دمجه مع آخر حرف في قافية البيت السابقة، وأن يحتوي البيت على وقفات تسهل نطقه. اكتب أبيات تتراقص بها الألسنة بسلاسة ونغم عند نطقها.
2. 
   2
   ألقِّ بنفسك في عالم التشبيهات والاستعارات اللغوية. الشعر قول بلاغي أكثر ما هو قولٌ تقريري، لذا فهو يحمل قدرًا من جماليات التشبيه والصور، بل ويحمل أيضًا قدرًا من الغموض والتلميحات. لا تحكِ عن مشاعرك وكأنك تصب مبنى هندسيًا واضح المعالم، بل كما يقول محمود درويش: "مثل أُغنية تحاولُ أن تقول، وتكتفي بالاقتباس من الظلالِ ولا تقولُ". تساعدك اللغة البلاغية على حكي المشاعر والحديث عن البشر ووصف الحياة، كشيء فلسفي أو حدث يومي تقليدي، بلغة ذكية ولماحة ومكثفة.

   مثال: طفت نجوم السماء على سطح البحر. سقطت بها كأنها بقعة حبر تطفو على الماء. ضغطت يدي على السماء، فخرجت منها النجوم كمعجون الأسنان.
3. 
   3
   اكتب القصيدة في سطر واحد أو في حجم معلقة. لا توجد قاعدة فيما يخص حجم القصيدة، إلا في أنواع معينة مثل الهايكو اليابانية، ولا يوجد قانون لعدد الكلمات في البيت الواحد. قد تكون قصيدتك جملة واحدة أو من مقطع شعري واحد أو مقطعين أو ثلاثة لا أكثر، كما قد تكون بحجم كتابة وبطول رواية. تنتهي القصيدة عندما تقول كل ما في قلبك عن موضوعها، عندما تقرر أنت أنها انتهت؛ تلك هي القاعدة الوحيدة.

   • لا يوجد ما يمنع أن تكون قصيدتك الأولى قصيرة للغاية؛ أمامك العمر كله لكتابة قصائد طويلة، بل يمكنك أن تُضيف لتلك القصيدة لاحقًا. المهم هو أن تكون مكثفة المعنى وبها بلاغة وحساسية عالية في القول.
4. 
   4
   راجع النسخة الأولى من القصيدة. اسأل نفسك: هل تعمل على إقامة المبنى من الصفر؟ أم أنك تكسر في الصخر لتشييد جسد التمثال. نادرًا ما يرضى الشعراء عن عملهم بمجرد الانتهاء من نسخته الأولى، بل سترغب في أن تختصرها أو أن تضيف لها، سترغب في تعديل الخلل في بعض الأبيات، أو ضبط الوزن، أو إيجاد كلمات متناغمة أكثر. اشعر بالفخر لأنك كتبت من القصيدة مسودتها الأولى، لكن عد للعمل في وقت لاحق، بعد عدة ساعات أو أيام، وألقِ نظرة من جديد على ما كتبته. ابحث عن أخطاء إملائية أو نحوية، واعمل على تطوير أسلوب الشعري في القصيدة أو تعديل بعض الجمل لإيضاح المعنى المقصود.

   • فكر دائمًا في نفسك كشاعر، والشاعر يعبر عن مشاعره الشخصية في قصائده؛ الحدس والصدق والذاتية من أهم المعايير الأساسية التي يجب أن تضعها دائمًا نصب عينيك.
5. 
   5
   جهز المسودة الأخيرة من القصيدة. بعد الانتهاء من مراجعة القصيدة والرضا التام عنها، جهز المسودة الأخيرة منها؛ اكتب القصيدة بصورتها الأخيرة في ورقة جديدة، سواء فعلت ذلك بواسطة الكمبيوتر أو يدويًا في دفترك الخاص بالقصائد المكتملة.

   • هل سترسل القصيدة لجهة ما أو تنشرها عبر منصات التواصل الاجتماعي؟ يجب أن تتأكد من أن المسودة الأخيرة بأفضل صورة ممكنة وأنك ترضا عنها ولا يوجد لديك ما يمكنك إضافته لتحسين القصيدة.